الخميس 20 نوفمبر 2025 | 02:19 م

الصراع على «المرشد» يمزّق الإخوان: انقسامات حادة تهدد مستقبل التنظيم الإرهابي


 تشهد جماعة الإخوان الإرهابية أزمة قيادية غير مسبوقة، مع اندلاع صراع مفتوح على منصب القائم بأعمال المرشد، وسط تفاقم الانقسامات بين جناحي لندن وإسطنبول، وبغياب جبهة  إسطنبول بقيادة محمود حسين، وجبهة تيار المكتب العام أو ما يُعرف بجبهة التغيير بقيادة يحيى موسى، الإرهابي المتهم باغتيال النائب العام هشام بركات، ورفاقه محمد إلهامي، المتمسّكون بفكر سيد قطب، تتكشف هشاشة الجماعة الداخلية، وتعري الانقسامات التي تهدد استقرارها على المستويين الإقليمي والدولي.

الأزمة الحالية تتفاقم مع إصرار جناح لندن على إجراء انتخابات داخلية للسيطرة على منصب القائم بأعمال المرشد، في محاولة لتثبيت النفوذ وتقليص دور منافسين آخرين داخل القيادة. الصراع لم يعد مجرد خلاف تنظيمي، بل أصبح معركة على البقاء السياسي والأيديولوجي داخل الجماعة، ويكشف طبيعة التنظيم ككيان متصارع من الداخل، متذبذب بين الولاء للأيديولوجيا القديمة ومصالح القيادة الفعلية.

ويتمحور الصراع على ثلاثة أسماء بارزة، يمثل كل منهم تياراً مختلفاً داخل الجماعة:

صلاح عبد الحق: الجناح القطبي العقائدي للتنظيم، هادئ المظهر لكنه صارم داخلياً، ويحظى بثقة قادة الصف الأول ومباركة تيار لندن. يُنظر إليه كخيار مؤقت لكنه الأوفر حظاً للاستمرار في قيادة الجماعة، ما يسلّط الضوء على أن قرار الاستمرار يرتكز على الولاءات الشخصية أكثر من الكفاءة أو الشرعية الداخلية.

حلمي الجزار: الوجه السياسي الإعلامي، يتمتع بخبرة في مخاطبة الغرب بلغته، لكنه داخلياً يُنظر إليه كـ"وجه مستأنس"، يفتقر إلى قاعدة صلبة داخل الجهاز التنظيمي للإخوان، ما يجعل من محاولاته القيادة محكومة بالشكوك ويعرضه للابتزاز من التيارات الأخرى داخل الجماعة.

محيي الدين الظايط: نقابي قديم، يُطرح عادة كشخصية توافقية رمزية لتبريد الصراعات، وهو في الغالب خيار شكلي أكثر من كونه منافساً حقيقياً، ويكشف حجم الفراغ القيادي الذي يعيشه التنظيم، وعدم قدرته على إيجاد قيادة موحدة وقادرة على الحسم.


الأزمة الداخلية تكشف هشاشة الهيكل التنظيمي للإخوان وغياب مؤسساتية واضحة. الانقسامات بين جناحي لندن وإسطنبول، إلى جانب تحالفات متقاطعة بين التيارات العقائدية والسياسية، تجعل من الجماعة أكثر عرضة للانقسام الكامل، وتضعف قدرتها على تنفيذ أي مشروع سياسي أو أيديولوجي.

ومن الواضح أن الصراع على القيادة لا يقتصر على المناصب، بل يمتد إلى السيطرة على الموارد المالية والشبكات التنظيمية الدولية. فكل جناح يسعى للاستحواذ على أذرع الجماعة في أوروبا وأمريكا، والتحكم في التمويل، وإدارة الجمعيات والمنصات الدعوية التي تعتبر العمود الفقري لنشاط الجماعة العالمي.

كما يُظهر الخلاف صعوبة الجماعة في التكيف مع التحديات الحديثة، خصوصاً في ظل ضغوط مكافحة الإرهاب وعمليات حظر المنظمات المرتبطة بها في الغرب. الصراعات الداخلية تجعل الإخوان أكثر هشاشة أمام التحركات الدولية، ويزيد من احتمالات انكشاف شبكة قياداتها وأنشطتها أمام الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

اللافت أن الأزمة الحالية تُبرز أيضاً الوجه الحقيقي للإخوان كتنظيم يعتمد على الولاءات الشخصية والتحالفات المؤقتة، وليس على مبادئ مؤسسية أو أيديولوجية صلبة. كل تيار داخل الجماعة يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة، حتى لو كان ذلك على حساب استمرار الجماعة نفسها، ما يجعل مستقبل الإخوان الإرهابي على المحك.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الجماعة التظاهر بالتماسك والقدرة على الاستمرار، تكشف المعركة على منصب القائم بأعمال المرشد عن واقع مرير، عبر قيادة مشتتة، خلافات متجذرة، وصراع داخلي يمكن أن يفضي إلى انهيار التنظيم أو تقسيمه بين فصائل متناحرة، وهو ما قد يشكل فرصة للدول لمواجهة تمدد الجماعة ومنعها من فرض نفوذها السياسي والإيديولوجي في المنطقة والعالم.

الصراع الحالي داخل الإخوان ليس مجرد خلاف على منصب، بل هو انعكاس طبيعي لطبيعة التنظيم الإرهابي، الذي فشل في تطوير هياكل قيادية مستدامة، واعتمد تاريخياً على الولاءات الشخصية والسيطرة المركزية بدلاً من المؤسساتية، ما يجعل أزماته الداخلية مرشحة للتفاقم يوماً بعد يوم، ويضع الجماعة على حافة الانهيار الفعلي.

استطلاع راى

هل تعتبر قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء نتائج 19 دائرة انتخابية قراراً عادلاً يضمن النزاهة؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5445 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image